ماهي طريقة صلاة الاستخارة ؟
في خضم الحياة وتقلباتها، يواجه المسلم العديد من الأمور التي تحتاج إلى اتخاذ قرار بشأنها. قد تكون هذه القرارات مصيرية أو بسيطة، ولكن في كل الأحوال، يسعى المؤمن إلى التوفيق والسداد من الله عز وجل. ومن الوسائل المشروعة التي يلجأ إليها المسلم في طلب الهداية والتوفيق هي طريقة صلاة الاستخارة. هذه الصلاة المباركة هي سنة نبوية مؤكدة، تعلمنا كيف نتوجه إلى الله بصدق وتوكل، طالبين منه أن يختار لنا الخير فيما ترددت فيه نفوسنا وعجزت عنه عقولنا.
إن طريقة صلاة الاستخارة ليست مجرد ركعتين نؤديهما، بل هي عبادة قلبية وعقلية تتضمن التضرع إلى الله والاعتراف بعجزنا وقدرته سبحانه وتعالى. وهي تعكس مدى إيمان المسلم بأن الخير كله بيد الله، وأن التوفيق والسداد لا يأتيان إلا منه. فما هي الخطوات التفصيلية لهذه السنة النبوية الجليلة؟
النية الخالصة: قبل البدء في الصلاة، يجب على المسلم أن يستحضر النية الخالصة لله تعالى في طلب الخيرة في الأمر الذي يشغله. فالأعمال بالنيات، ولكل امرئ ما نوى.
الوضوء: يستحب للمستخير أن يتوضأ وضوءًا كاملًا كما يتوضأ للصلاة المفروضة، استعدادًا لمناجاة الله تعالى.
صلاة ركعتين: يصلي المستخير ركعتين من غير الفريضة. يستحب أن يقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة سورة الكافرون (قل يا أيها الكافرون)، وفي الركعة الثانية بعد الفاتحة سورة الإخلاص (قل هو الله أحد). وليس هذا شرطًا، فله أن يقرأ ما تيسر له من القرآن الكريم.
الدعاء بعد السلام: بعد الانتهاء من الركعتين والتسليم، يرفع المستخير يديه متضرعًا إلى الله تعالى، ويقرأ دعاء الاستخارة الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم. والدعاء هو:
"اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلاَ1 أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلاَ أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ. اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ2 - ويسمي حاجته هنا بوضوح - خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي - أَوْ قَالَ: عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ - فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ.3 وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي - أَوْ قَالَ: عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ - فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ،4 وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ،5 ثُمَّ أَرْضِنِي بِهِ."
(رواه البخاري)
التفكر والتوكل: بعد الدعاء، يترك المسلم أمره لله ويتوكل عليه بصدق. لا يشترط رؤية رؤيا في المنام أو حدوث أمر خارق. بل عليه أن يميل قلبه إلى أحد الأمرين اللذين استخار فيهما، وأن يسعى فيه بتوكل على الله. وقد يشعر بانشراح صدر لأحد الخيارين أو تيسيرًا في طريقه.
تكرار الاستخارة: إذا لم يتبين للمستخير الأمر بعد المرة الأولى، فيستحب له تكرار الصلاة والدعاء.
استشارة أهل الخبرة: لا تغني الاستخارة عن استشارة أهل العلم والرأي والمشورة في الأمر المطروح. بل يستحب للمسلم أن يجمع بين الاستخارة والاستشارة.
عدم التعلق بنتيجة معينة: يجب على المستخير أن يكون متجردًا في طلبه للخيرة، وألا يكون متمسكًا برأي أو رغبة مسبقة.
الرضا بقضاء الله: بعد الاستخارة والمضي في الأمر الذي انشرح له صدره، يجب على المسلم أن يرضى بما يختاره الله له، لعلمه بأن الله لا يختار لعبده إلا الخير.
لا استخارة في الأمور الواجبة والمحرمة: لا يجوز الاستخارة في فعل واجب أو ترك محرم، فهذه الأمور واضحة حكمها في الشرع. وإنما تكون الاستخارة في الأمور المباحة أو المستحبة التي يتردد فيها المسلم بين فعلها أو تركها، أو بين اختيار أحد الأمور المباحة.
إن طريقة صلاة الاستخارة هي كنز عظيم وهدية نبوية شريفة، تعلمنا كيف نلجأ إلى الله في كل شؤوننا، وكيف نسلم أمرنا إليه واثقين بحكمته ورحمته. فلنحرص على هذه السنة المباركة في حياتنا اليومية، ونسأل الله التوفيق والسداد في كل ما نأتي ونذر.