الجمعة، ١٦ جمادى الأولى ١٤٤٧ هـ
الجمعة، ٧ نوفمبر ٢٠٢٥
facebookinstagramtwitter

سؤال وجواب

229

من أول من قال سبحان ربي الأعلى؟

في رحاب الذكر والتسبيح، تتجلى عظمة الخالق وجلاله، وتتردد كلمات التقديس في أرجاء الكون. ومن بين أبلغ هذه الكلمات وأجلها قول: سبحان ربي الأعلى. هذه العبارة تحمل في طياتها تنزيه الله عن كل نقص وعيب، وإثبات علوه المطلق وكماله الذي لا يحيط به الوصف. والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن في هذا السياق هو: من هو أول من نطق بـ سبحان ربي الأعلى؟

إن البحث عن من أول من قال سبحان ربي الأعلى يقودنا إلى استكشاف عوالم الملائكة الكرام، تلك المخلوقات النورانية التي اصطفاها الله لعبادته وتسبيحه ليلًا ونهارًا لا يفترون. ففي النصوص الشرعية، تتردد الإشارات إلى تسبيح الملائكة الدائم لله عز وجل. فهم يسبحون بحمده ويقدسون له، معلنين عن تنزيهه عن كل ما لا يليق بجلاله وكماله.

وقد ورد في القرآن الكريم في سورة الأعراف: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} (الأعراف: 15). وفي موضع آخر يقول تعالى: {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ} (الأنبياء: 20). هذه الآيات تدل على أن التسبيح هو صفة ملازمة للملائكة الكرام.

وعند التأمل في عبارة سبحان ربي الأعلى تحديدًا، نجد أنها ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالسجود في الصلاة. ففي الركوع نقول سبحان ربي العظيم، وفي السجود نقول سبحان ربي الأعلى. وهذا التسبيح في السجود يحمل معنى أعمق لعلو الله وارتفاعه فوق كل شيء، وهو أقرب ما يكون العبد إلى ربه في هذه الحالة.

بالنظر إلى النصوص الشرعية، لا يوجد نص صريح يحدد اسم أول ملك أو مخلوق نطق بعبارة سبحان ربي الأعلى تحديدًا. ولكن، بما أن الملائكة هم أول من خلقهم الله تعالى قبل البشر، وهم ملازمون للتسبيح والتقديس، فمن المنطقي القول بأنهم كانوا من أوائل من سبح الله تعالى بأبلغ صور التسبيح، والتي تشمل تنزيهه عن كل نقص وعلوه المطلق.

إذًا، الإجابة الأكثر دقة لسؤال من أول من قال سبحان ربي الأعلى؟ هي أنها قد تكون من التسبيحات الأولى التي نطقت بها الملائكة الكرام منذ خلقهم. فهم المخلوقات المقربة التي لا تفتر عن ذكر الله وتسبيحه وتقديسه.

من أول من قال سبحان ربي الأعلى؟

لا يوجد في القرآن الكريم أو السنة النبوية الصحيحة نص قاطع يحدد اسم أول من قال سبحان ربي الأعلى. ومع ذلك، يمكننا استنتاج بعض الأمور بناءً على ما ورد في النصوص:

  1. الملائكة هم أول خلق الله: تشير النصوص إلى أن الملائكة خُلقوا قبل الإنس والجن. وبما أنهم مخلوقات مُسخرة لعبادة الله وتسبيحه، فمن المرجح أنهم كانوا من أوائل من نطقوا بأبلغ صور التسبيح.

  2. التسبيح صفة ملازمة للملائكة: كما ذكرنا سابقًا، الآيات القرآنية تدل على أن التسبيح هو دأب الملائكة وديدنهم في الليل والنهار. وعبارة سبحان ربي الأعلى هي من أجلّ أنواع التسبيح.

  3. ارتباط التسبيح بالسجود: عبارة سبحان ربي الأعلى تُقال في السجود، وهي حالة من أقرب حالات العبد إلى ربه. والسجود عبادة قديمة عرفتها الملائكة قبل خلق آدم عليه السلام، كما في قصة سجودهم لآدم امتثالًا لأمر الله.

  4. لا دليل على تحديد أول قائل باسمه: لم يرد في الشرع ما يدل على تحديد ملك معين أو مخلوق بعينه كان أول من نطق بهذه العبارة. فالتركيز في النصوص هو على عظمة التسبيح وفضله، وعلى ملازمة الملائكة له.

بناءً على ما تقدم، يمكن القول بأن الملائكة الكرام كانوا من أوائل من سبح الله تعالى بعبارات التقديس والتنزيه، ومن ضمنها على الأرجح عبارة سبحان ربي الأعلى. فهم المخلوقات التي اصطفاها الله لعبادته وتسبيحه الدائم. وعلى المسلم أن يقتدي بهم في الإكثار من ذكر الله وتسبيحه وتعظيمه، مستشعرًا عظمته وجلاله في كل حين. ففي التسبيح حياة للقلب ونور للروح وقرب من الخالق عز وجل.