في سماء الصحابة الكرام، رضوان الله عليهم أجمعين، تزهو نجوم لامعة سطعت بنور الإيمان والتقوى، وتركت بصمات لا تُمحى في تاريخ الإسلام. ومن بين هؤلاء الأعلام، يبرز صحابي جليل خصّه الله بمنزلة رفيعة وشرف عظيم، حتى أن الملائكة الكرام كانت تستحي منه. فمن هو هذا الصحابي الذي بلغ من الحياء والفضل مكانة جعلت الملائكة تستحي منه؟
إن الإجابة الواضحة والمؤكدة على سؤال من هو الصحابي الذي تستحي منه الملائكة؟ هي عثمان بن عفان رضي الله عنه. ذو النورين، وصاحب الهجرتين، وخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم الثالث. لقد كان عثمان بن عفان رضي الله عنه مثالًا فريدًا في الحياء والإيمان والإنفاق في سبيل الله.
لقد شهد النبي صلى الله عليه وسلم لعثمان بن عفان رضي الله عنه بالجنة مرات عديدة، وأثنى على خصاله الحميدة وسابقته في الإسلام. ولكن، ما السر وراء هذا الحياء العظيم الذي بلغ حدًا جعل الملائكة تستحي منه؟
يُروى في الحديث الشريف عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مضطجعًا في بيتي، كاشفًا عن فخذيه أو ساقيه، فاستأذن أبو بكر فأذن له وهو على تلك الحال، فتحدث ثم استأذن عمر فأذن له وهو كذلك فتحدث، ثم استأذن عثمان فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وسوى ثيابه، قالت عائشة: لم أفعل هذا لأبي بكر وعمر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة؟.
هذا الحديث الشريف يوضح بجلاء من هو الصحابي الذي تستحي منه الملائكة، وهو عثمان بن عفان رضي الله عنه. لقد كان حيائه رضي الله عنه طبعًا أصيلًا وسجية لازمة له في كل أحواله. كان رضي الله عنه شديد الحياء في حضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي غير حضرته، وكان هذا الحياء مقرونًا بالإجلال والتقدير.
إن حياء عثمان بن عفان رضي الله عنه لم يكن مجرد خجل سلبي، بل كان حياءً محمودًا مثمرًا، يدفعه إلى فعل الخير واجتناب الشر. كان حيائه رضي الله عنه يجعله وقافًا عند حدود الله، حريصًا على الالتزام بتعاليم الدين وآدابه. كما كان حيائه سببًا في إكرامه للناس وحسن تعامله معهم.
لقد تجلى حياء عثمان بن عفان رضي الله عنه في مواقف عديدة من حياته. يُذكر أنه كان إذا اغتسل في بيت مظلم أغلق عليه بابه استحياءً من الله عز وجل. كما عُرف عنه إنفاقه الكبير في سبيل الله سرًا وعلنًا، تواضعًا وحياءً من الرياء والسمعة.
إن معرفة من هو الصحابي الذي تستحي منه الملائكة، وهو عثمان بن عفان رضي الله عنه، يدعونا إلى التأمل في قيمة الحياء في الإسلام. فالحياء شعبة من شعب الإيمان، وهو صفة حميدة تُعلي قدر صاحبها وترفع منزلته عند الله وعند الناس.
نتأسى بعثمان بن عفان رضي الله عنه في حيائه وإيمانه وكرمه، ولنجعل الحياء زينة لنا في أقوالنا وأفعالنا، سائلين الله عز وجل أن يرزقنا حياءً يقودنا إلى كل خير، وأن يجمعنا بالصحابة الكرام في جنات النعيم. إن معرفة من هو الصحابي الذي تستحي منه الملائكة؟ ليس مجرد معلومة تاريخية، بل هو درس عظيم في الأخلاق والفضائل.