الاثنين، ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٧ هـ
الاثنين، ١٠ نوفمبر ٢٠٢٥
facebookinstagramtwitter

سؤال وجواب

218

من هو النبي الذي تمنى الموت؟

من هو النبي الذي تمنى الموت؟ سؤال قد يتبادر إلى الذهن عند قراءة بعض النصوص الدينية التي تتحدث عن الأنبياء عليهم السلام وأحوالهم. والإجابة الواضحة والمستندة إلى صحيح السنة النبوية تشير إلى أن النبي الذي تمنى الموت هو نبي الله أيوب عليه السلام.

من هو النبي الذي تمنى الموت؟

لقد ابتُلي نبي الله أيوب عليه السلام ببلاء شديد في جسده وماله وولده، صبر عليه صبرًا جميلاً ضرب به المثل. فقد مكث في بلائه زمنًا طويلاً، قيل ثمانية عشر عامًا، وقيل غير ذلك، ولكنه لم يجزع ولم يتسخط على قضاء الله وقدره. وظل أيوب عليه السلام ملازمًا للحمد والشكر والذكر، راضيًا بقضاء الله تعالى.

ولكن، مع طول المدة واشتداد البلاء، ضعف جسد أيوب عليه السلام وأصبح عاجزًا عن القيام ببعض العبادات التي كان يحرص عليها. وفي هذه الحالة، لم يكن تمني أيوب عليه السلام للموت تسخطًا على قضاء الله، بل كان خوفًا من أن يفتنه البلاء عن ذكر الله وعبادته. وهذا الفهم مهم جدًا لتجنب أي تصور خاطئ عن أن الأنبياء عليهم السلام قد ييأسون أو يتمنون الموت اعتراضًا على قدر الله.

فقد جاء في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بينما أيوب يغتسل عريانًا خر عليه جراد من ذهب، فجعل يحثو في ثوبه، فناداه ربه: يا أيوب، ألم أكن أغنيتك؟ قال: بلى يا رب، ولكن لا غنى بي عن بركتك". وفي رواية أخرى في الصحيح: "واشتد به البلاء حتى عافه الجلساء، فنُبِذَ في مزبلة خارج البلد. وكانت امرأته تأتيه بطعامه، فلما طال ذلك عليها قالت: يا أيوب، لو دعوت ربك لشفيت، فقال: قد صبرت سبعين سنة في الرخاء، أفلا أصبر سبعين سنة في البلاء؟ فأوحى الله إليه: {ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ} [ص: 42]. فلما اغتسل عوفي، ورجع إليه أهله وولده وأحسن الله إليه".

هذه الروايات تبين شدة البلاء الذي أصاب أيوب عليه السلام وصبره العظيم عليه. وفي بعض الروايات، يُذكر أنه دعا ربه بأن يشفيه، ولم يكن هذا الدعاء تمنيًا للموت لذات الموت، بل كان طلبًا للعافية ليتمكن من عبادة الله على الوجه الأكمل.

إذًا، عندما نتحدث عن من هو النبي الذي تمنى الموت، فإن الإشارة الواضحة هي إلى نبي الله أيوب عليه السلام، ولكن يجب فهم هذا التمني في سياقه الصحيح. لم يكن ذلك يأسًا أو جزعًا، بل كان خوفًا من التقصير في حق الله بسبب شدة الضعف والمرض. وهذا يعلمنا عظم صبر الأنبياء عليهم السلام وتحملهم للابتلاء، وكيف أنهم حتى في أصعب الظروف كانوا حريصين على عبادة الله وذكره.

إن قصة أيوب عليه السلام تعلمنا دروسًا عظيمة في الصبر والرضا بقضاء الله، وأن الابتلاء مهما اشتد فإن فرج الله قريب، وأن الدعاء والتضرع إليه سبحانه وتعالى هو الملجأ في كل حال. وعندما نتذكر من هو النبي الذي تمنى الموت، فإننا نتذكر أيضًا عظيم صبره وحسن ظنه بربه، وهو ما يجب أن يكون نبراسًا لنا في حياتنا عند مواجهة الصعاب والابتلاءات.

في الختام، فإن النبي الذي تمنى الموت هو أيوب عليه السلام، ولكن تمنيه هذا كان في سياق خوفه من العجز عن عبادة الله، وليس يأسًا من رحمته أو اعتراضًا على قضائه. فصبر أيوب عليه السلام يظل مثالًا عظيمًا يحتذى به في كل زمان ومكان.