الجمعة، ١٦ جمادى الأولى ١٤٤٧ هـ
الجمعة، ٧ نوفمبر ٢٠٢٥
facebookinstagramtwitter

سؤال وجواب

214

هل تبسمك في وجه أخيك صدقة؟

في رحاب ديننا الإسلامي السمح، تتجلى عظمة الخالق في أدق التفاصيل التي تنظم حياتنا وعلاقاتنا، مؤكدة على أهمية اللين والود في التعامل بين المسلمين. ومن أروع هذه التوجيهات النبوية التي تحمل في طياتها كنوزًا من الأجر والثواب، قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: تبسمك في وجه أخيك صدقة. هذه الكلمات النورانية ليست مجرد عبارة عابرة، بل هي منهج حياة قويم، ودستور اجتماعي فريد، وباب واسع من أبواب الخير يفتح لنا آفاقًا من السعادة والرضا.

هل تبسمك في وجه أخيك صدقة ؟

إن المجتمع السعودي الأصيل، الذي يرتكز على قيم الإسلام وتعاليمه السمحة، يولي اهتمامًا بالغًا لكل ما يعزز الروابط الإنسانية ويقوي أواصر الأخوة. ويدرك تمام الإدراك القيمة العظيمة لـ تبسمك في وجه أخيك صدقة في بناء مجتمع متراحم ومتكاتف. فالابتسامة الصادقة هي مفتاح القلوب، وسر العلاقات الطيبة، وهي اللغة الصامتة التي تعبر عن أعمق المشاعر الإيجابية. كم من سوء فهم تبدد بفضل ابتسامة، وكم من حاجز نفسي انهار أمام وجه بشوش يستقبل الآخر بالود والترحيب.

إن ربط النبي صلى الله عليه وسلم بين الابتسامة والصدقة يحمل دلالات عميقة تستحق التأمل. فالصدقة في مفهومها الشامل لا تقتصر على العطاء المادي فحسب، بل تتعداه لتشمل كل فعل خير أو قول حسن يقدمه المسلم لأخيه. و تبسمك في وجه أخيك صدقة هو من أيسر أنواع الصدقات وأكثرها نفعًا وتأثيرًا. إنه لا يكلف مالًا ولا جهدًا بدنيًا، ولكنه يمنح شعورًا بالراحة والأمان والقبول لدى الطرف الآخر، ويزيل ما قد يعلق في النفوس من شوائب أو ضيق.

في خضم مشاغل الحياة اليومية وضغوطها، قد يغفل البعض منا عن قوة وتأثير هذه البادرة البسيطة. فكم مرة نلتقي بإخواننا في الدين والوطن، جيراننا وأقاربنا وزملائنا في العمل، وقد تعلو وجوهنا ملامح الجدية أو الانشغال، ناسين أن تبسمك في وجه أخيك صدقة يمكن أن يحول لقاءً عاديًا إلى لحظة إيجابية تترك أثرًا طيبًا في النفوس. إنها دعوة متجددة للتراحم والتواصل الإنساني الدافئ الذي يميز مجتمعنا السعودي.

إن الأثر الإيجابي لـ تبسمك في وجه أخيك صدقة لا يقتصر فقط على الشخص الذي يتلقى الابتسامة، بل يمتد ليشمل الشخص المبتسم نفسه. فقد أظهرت العديد من الدراسات النفسية أن الابتسامة تساهم في إفراز هرمونات السعادة في الجسم، مثل الإندورفين والسيروتونين، مما يؤدي إلى تحسين المزاج العام، وتقليل الشعور بالتوتر والقلق، وتعزيز الشعور بالراحة والاسترخاء. فكأن المسلم عندما يمتثل لهذا الهدي النبوي الكريم، فإنه ينال أجر الصدقة ويحظى بفوائد صحية ونفسية عظيمة.

وفي المملكة العربية السعودية، التي تحتضن أقدس بقاع الأرض وتلتزم بتعاليم الشريعة الإسلامية الغراء، يجب أن يكون تبسمك في وجه أخيك صدقة جزءًا أصيلًا من ثقافتنا اليومية ومن تعاملاتنا في مختلف جوانب الحياة. سواء في الأسواق التجارية النابضة بالحياة، أو في المؤسسات التعليمية والجهات الحكومية، أو في مجالسنا الأسرية الدافئة، أو حتى في تعاملنا مع الزوار والمعتمرين من شتى بقاع الأرض، فإن هذه الابتسامة الصادقة هي خير تعبير عن قيمنا الإسلامية النبيلة وكرم أخلاقنا السعودية الأصيلة. إنها رسالة محبة وسلام للعالم أجمع.

فلنجعل من تبسمك في وجه أخيك صدقة شعارًا يرافقنا في كل يوم، ولنتذكر دائمًا أن هذه اللفتة الإنسانية البسيطة قادرة على أن تحدث تغييرًا إيجابيًا في حياة الآخرين وفي مجتمعنا السعودي ككل. إنها دعوة إلى التفاؤل ونشر الإيجابية وتعزيز الروابط الاجتماعية المتينة التي هي أساس قوتنا ووحدتنا. فما أجمل أن نستقبل إخواننا بوجوه منيرة بالابتسامة وقلوب عامرة بالمودة، متذكرين دائمًا قول النبي الأمين صلى الله عليه وسلم: تبسمك في وجه أخيك صدقة.