الأربعاء، ٧ جمادى الأولى ١٤٤٧ هـ
الأربعاء، ٢٩ أكتوبر ٢٠٢٥
facebookinstagramtwitter

قصة مريم العذراء في القرآن: معجزة الميلاد ويقين الإيمان

Prophet Img!

قصة مريم العذراء في القرآن: معجزة الميلاد ويقين الإيمان

في القرآن الكريم، هناك سورة كاملة تحمل اسم امرأة، وهي السيدة *مريم عليها السلام*. وفي قلب هذه السورة، تروي لنا الآيات بتفصيل مؤثر وراقٍ قصة أعظم معجزة ميلاد في تاريخ البشرية: ميلاد نبي الله عيسى عليه السلام من أم عذراء. هذه القصة ليست مجرد سرد تاريخي، بل هي درس في اليقين، وتكريم للمرأة، وإثبات لقدرة الله المطلقة، وتحديد واضح وصريح لحقيقة المسيح عيسى في عقيدة الإسلام.

1. بداية القصة: الاعتزال والبشارة السماوية

تبدأ القصة بوصف السيدة مريم وهي تعتزل أهلها في مكان منعزل شرق بيت المقدس لتتفرغ لعبادة ربها. وفي خلوتها، يفاجئها "روح الله" وهو الملك جبريل عليه السلام، في هيئة رجل كامل الخلقة. فكان أول رد فعل منها هو قمة العفة والطهر: ﴿قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَٰنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا﴾.

يطمئنها جبريل بأنه رسول من ربها، ومهمته أن يهبها غلاماً زكياً طاهراً. فتسأل مريم سؤالها المنطقي البريء: ﴿ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا﴾. فيأتي الجواب الإلهي الذي يضع حداً لكل منطق بشري: ﴿قَالَ كَذَٰلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ﴾. فالأمر هين على الله، وله حكمة: ليكون آية للناس، ورحمة من الله.

2. آلام المخاض والمعجزة تحت النخلة

حملت مريم بكلمة من الله، وابتعدت بحملها إلى مكان قصي. وعندما جاءتها آلام المخاض، التجأت إلى جذع نخلة، وفي قمة كربها وألمها الجسدي والنفسي، صرخت صرختها الإنسانية المؤثرة:

﴿ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَٰذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا

في هذه اللحظة من الضعف البشري الكامل، يأتيها المدد الإلهي المباشر. يناديها صوت من تحتها (جبريل أو عيسى نفسه): لا تحزني. ثم تحدث معجزتان لتثبيت قلبها: ﴿ قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا أي جدول ماء يجري. ﴿ وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا . لقد فجر لها الماء وأنبت لها الثمر في أصعب لحظاتها.

3. المواجهة الصامتة: العودة بالرضيع إلى القوم

بعد أن أكلت وشربت وقرت عينها، جاءها التوجيه الإلهي لكيفية مواجهة قومها: أن تنذر للرحمن صوماً عن الكلام. عادت مريم إلى قومها وهي تحمل طفلها، فكانت الصدمة. بدأ القوم في اتهامها بالفاحشة: ﴿ يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا ﴾، مذكرين إياها بنسبها الطاهر.

﴿فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ...﴾

كان رد مريم في منتهى اليقين والثقة بالله. لم تدافع عن نفسها بكلمة، بل أشارت فقط إلى الرضيع في المهد. فزاد استنكارهم وسخريتهم: ﴿ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا ﴾.

4. المعجزة الكبرى: ﴿قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ...﴾

في تلك اللحظة، وقبل أن يتكلم أي مدافع، أنطق الله الحجة نفسها. تكلم الرضيع عيسى عليه السلام ليعلن براءة أمه ويحدد هويته ورسالته في خمس نقاط خالدة:

5. أسئلة شائعة حول قصة مريم وعيسى في القرآن

كيف يصف القرآن حمل مريم العذراء بعيسى عليه السلام؟

يصف القرآن الحمل بأنه معجزة إلهية خالصة. فقد أرسل الله إليها الملك جبريل في صورة بشر سوي، فاستعاذت منه بالله دلالة على عفتها. فأخبرها أنه رسول من ربها ليهبها غلاماً زكياً. وعندما سألت بدهشة كيف يكون لها غلام وهي لم يمسسها بشر، كان الجواب الإلهي: 'قَالَ كَذَٰلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ'. فالأمر هين على قدرة الله، وليكون آية للناس ورحمة.

ما هي المعجزة التي حدثت لمريم وهي في حالة المخاض؟

عندما كانت تتألم تحت جذع النخلة وتتمنى الموت من شدة الكرب، جاءها النداء الإلهي ليطمئنها. ثم حدثت معجزتان: الأولى أن الله فجر تحتها جدول ماء (سرياً)، والثانية أنه أمرها بأن تهز جذع النخلة اليابسة فتساقط عليها رطباً جنياً. فكان هذا طعاماً وشراباً وكرامة من الله لها في أصعب لحظاتها.

ماذا كانت أولى كلمات نطق بها الرضيع عيسى عليه السلام في المهد؟

عندما اتهمها قومها، أشارت إلى طفلها الرضيع، فأنطقه الله بقدرته. وكانت أولى كلماته إعلاناً واضحاً لحقيقته: ﴿قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ﴾. لقد بدأ بإثبات عبوديته لله، لينفي أي شبهة ألوهية. ثم أعلن أنه نبي، وأنه مبارك، وأنه مأمور بالصلاة والزكاة والبر بوالدته، وأنه ليس جباراً شقياً.