من راعي غنم إلى ملك ونبي كان داود عليه السلام شابًا بسيطًا يرعى الغنم في بيت لحم، نشأ طاهر القلب، عذب الصوت، وقوي الإيمان. كان قصير القامة، أزرق العينين، قليل الشعر، ولكن قلبه كان ممتلئًا بالشجاعة والإيمان. كانت هذه الصفات البسيطة هي بداية رحلته العظيمة التي جعلته أحد أعظم الأنبياء والملوك في التاريخ.
حين قرر بني إسرائيل التصدي لجالوت وجيشه الجبار، اختار الله طالوت ملكًا ليقودهم. في إحدى المعارك المصيرية، وقف جالوت متفاخرًا بقوته، متحديًا جيش بني إسرائيل. لم يجرؤ أحد على مواجهته، إلا داود الشاب الصغير. حمل مقلاعه البسيط وثقته بالله، وخرج لمواجهة العملاق. قال له جالوت ساخرًا: ارجع يا غلام، فلا أحب أن أقتلك! فرد داود بإيمان: ولكنني أحب أن أقتلك!. أطلق داود ثلاث أحجار من مقلاعه، أصابت جبهة جالوت فأسقطته قتيلًا في الحال.
بهذا الانتصار العظيم، أصبح داود بطلًا في أعين قومه، وتزوج ابنة الملك طالوت، ليبدأ رحلته نحو الملك والنبوة.
بعد وفاة طالوت، ورث داود الحكم، وجمع الله له بين الملك والنبوة. كان قائدًا عادلًا وحكيمًا، أرسله الله ليدعو بني إسرائيل إلى عبادة الله الواحد، وأعطاه كتاب الزبور، وهو كتاب مقدس مليء بالتسابيح والحكمة.
وهب الله داود صوتًا لا مثيل له. كان إذا قرأ الزبور، توقفت الطيور في السماء لتستمع إليه، وتسجد الجبال معه تسبيحًا لله. كان صوته يبكي الحجر، ويُحيي القلوب، حتى أن الوحوش كانت تجتمع حوله رغم الجوع والعطش.
من معجزاته التي خصه الله بها، إلانة الحديد بين يديه. كان يصنع الدروع بمهارة فائقة دون حاجة إلى نار أو مطرقة. قال تعالى:
وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ. (سبأ: 10-11)
من أبرز قصص حكمته، قضية الحرث. جاء إليه رجلان يتخاصمان، حيث أفسدت أغنام أحدهما مزروعات الآخر. قضى داود في البداية بأن تُعطى الأغنام لصاحب الحقل. لكن ابنه سليمان عليه السلام اقترح حلاً أفضل: أن يستفيد صاحب الحقل من الأغنام حتى يُصلح صاحبها الزرع. أعجب داود بهذا الحكم العادل، ووافق عليه.
كان داود مثالًا في العبادة. كان يصوم يومًا ويفطر يومًا، ويقوم الليل مصليًا وباكيًا، حتى قال النبي محمد ﷺ:
أحب الصيام إلى الله صيام داود، وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود.
توفي داود عليه السلام عن عمر مئة عام، حيث كان الله قد أتم عمره بستين عامًا، إلا أن آدم عليه السلام وهب أربعين عامًا من عمره لداود. توفي فجأة، واستلم ابنه سليمان عليه السلام الراية من بعده ليكمل مسيرة الحكمة والعدل.
خاتمة القصة
قصة داود عليه السلام ليست مجرد رواية عن ملك ونبي، بل هي درس في الإيمان، الشجاعة، الحكمة، والتوبة. تعلمنا أن الله يختار من عباده من يُخلص له، مهما كانت بدايتهم بسيطة.
يمكنك ايضا قرأه التالي
تفسير الحلم بحمامة بيضاء - تفسير سورة الإخلاص - 100 معلومة عن الرسول صلى الله عليه وسلم - معاصي قوم نوح - تفسير القرآن الكريم - تفسير القران - تفسير رؤية الحديد في المنام - فضل قراءة سورة الملك قبل النوم - تفسير سورة الفتح - تفسير القيء في المنام: رؤيا ودلالات في القرآن الكريم - قصة إسحاق عليه السلام - التفسير الميسر- ايضا تعرف علي أهمية القران الكريم - كم كان عمر النبي عندما توفي