يوسف عليه السلام هو ابن يعقوب عليه السلام من زوجته راحيل، ولد في العراق في منطقة تدعى فدان أرام، وقد كان يوسف عليه السلام جميلا جدا وكان أحب أبناء يعقوب إليه
ذات يوم رأى في منامه أحد عشر كوكبا والشمس والقمر له ساجدين، فأخبر والده بما رآه، فعلم يعقوب عليه السلام أنه سيكون لولده شأنا عظيما عندما يكبر، وقال له: لا تخبر إخوتك عن منامك الذي رأيته لأنهم إن علموا به سيحقدوا عليك ويكيدوا لك ويحسدوك، ففعل يوسف عليه السلام، قال تعالى: إِذۡ قَالَ یُوسُفُ لِأَبِیهِ یَـٰۤأَبَتِ إِنِّی رَأَیۡتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوۡكَبࣰا وَٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَ رَأَیۡتُهُمۡ لِی سَـٰجِدِینَ ٤ قَالَ یَـٰبُنَیَّ لَا تَقۡصُصۡ رُءۡیَاكَ عَلَىٰۤ إِخۡوَتِكَ فَیَكِیدُوا۟ لَكَ كَیۡدًاۖ إِنَّ ٱلشَّیۡطَـٰنَ لِلۡإِنسَـٰنِ عَدُوࣱّ مُّبِینࣱ ٥
إلا أن إخوة يوسف كانوا يلاحظون شدة حب والده له فأرادوا أن يتخلصوا منه كي يلتفت إليهم والدهم ولا يلتفت لأحد غيرهم فأخذوا يتشاورون فيما بينهم كيف يمكنهم التخلص منه، فاقترح أحدهم قتله، لكنهم لم يرضوا بذلك فقال آخر نلقيه في البئر فإذا جاء بعض عابري السبيل ليشربوا الماء خرج إليهم وأخذوه معهم ، فأجمعوا على فعل ذلك وكان يعقوب عليه السلام لا يسمح لهم بأخذ يوسف معهم فأتوا إلى أبيهم وطلبوا منه أن يرسله معهم فقالوا له: يا أبانا مالك لا تأمنا على يوسف وتخاف عليه منا ونحن إخوته ناصحون له، وطلبوا منه أن يدعه يخرج ليلعب معهم، فقال لهم إني أخاف عليه من الذئب أن ياكله وانتم غافلون عنه، فقالو له: نحن جماعة فكيف للذئب أن يأكله من بيننا، بعدها سمح لهم يعقوب عليه السلام باصطحاب يوسف معهم، قال تعالى: اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ ﴿9﴾ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ ﴿10﴾ قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَىٰ يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ ﴿11﴾ أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴿12﴾ قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ ﴿13﴾ قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إنا إِذًا لَخَاسِرُونَ (14)
يمكنك قراءه ايضا قصة ذو الكفل عليه السلام
فلما أخذوه كانوا قد أجمعوا أن يرموه في البئر، ففعلوا ذلك وأخذوا له قميصا وجعلوا عليه دماء وأتو إلى أبيهم في المساء يبكون ويقولون له: إن الذئب أكله إلا أن أباهم لم يصدقهم، وقال لهم بل أنفسكم الحاسدة هي التي دفعتكم لفعل هذا قال تعالى: وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ ﴿16﴾ قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ ۖ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ ﴿17﴾ وَجَاءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ ۚ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا ۖ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ ﴿18﴾
وبعد أن ذهب إخوة يوسف وتركوه في البئر جاءت قافلة فرأوا البئر فنزلوا حتى يملأوا الماء فلما جاء ساقي القوم ألقى الدلو فرأى يوسف عليه السلام فأخبر القوم بذلك فأخذوه معهم حتى يبيعوه عندما يصلون لبلد سفرهم، فلما وصلوا إلى موضع سفرهم وهو مصر اشتراه منهم عزيز مصر، فلما أخذه معه قال لزوجته: اعتني به جيدا عسى أن نبيعه بربح جيد أو يقوم ببعض شؤوننا أو نتبناه ليكون ولدا لنا، قال تعالى: وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا ۚ وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ۚ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (21)وهناك في بيت العزيز رعت زوجة العزيز زليخة يوسف عليه السلام كما لو أنها ترعى أبناءها فلما كبر وشب هناك أعجبت به وأحبته لشدة جماله، فقررت أن تراوده عن نفسه وهيأت ودبرت الأمر لذلك، فاستدعته إلى غرفتها ولما قدم أغلقت الأبواب وارادت مراودته عن نفسه إلا أنه رفض ذلك وقال لها: إني أخاف الله رب العالمين، فلما أراد الخروج أمسكت بقميصه وشدته حتى تمزق، في ذلك الوقت دخل زوجها العزيز فرأى ما رآه، فأخذت تبكي وتقول إن يوسف هو الذي أراد أن يراودها عن نفسها وعليه أن يعاقب، فبدأ يوسف يدافع عن نفسه إلا أن العزيز لم يصدقه وكان ممن في حواشي زليخة امرأة لديها رضيع صغير يقال أنه ابن عم زليخة، فاقترب يوسف عليه السلام منه وقال له أخبرهم من الفاعل، حينها نطق الرضيع وقال: إن كان قميص يوسف قد تمزق من الأمام فإن زليخة صادقة وهو الكاذب، وإن كان قميصه قد تمزق من الخلف فإن يوسف صادق وزليخة كاذبة، فلما رأى العزيز إن القميص قد تمزق من الخلف علم كذب زليخة، قال تعالى: قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي ۚ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ﴿26﴾ وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴿27﴾ فَلَمَّا رَأَىٰ قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ ۖ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ ﴿28﴾
حينها سمعت نساء المدينة بما حصل وبدأن يتكلمن عن زليخة بسوء، ولكي تبرهن لهن زليخة أن ما فعلته كان لعدم القدرة على تمالك نفسها أمام شدة جمال يوسف عليه السلام أعدت لهن وليمة ودعتهن ووضعت لهن فاكهة تقشر ، ووضعت لكل واحدة منهن سكينا ، فلما أمسكن السكاكين كي يقشرن الفاكهة أمرت يوسف عليه السلام بالدخول إليهن، فلما دخل عليهن فوجئن بشدة جماله وبدأن بتقطيع أيديهن بدلا من الفاكهة دون أن يشعرن، وقلن ما هذا بشر بل هو ملائكة وبعد أن ذهب رأين ما فعلن بأنفسهن إذ إن الدماء بدأت تسيل من أيديهن، فقالت لهن: هذا الذي لمتنني وتكلمتن عني بسبب مراودتي له، وإني سأبقى أراوده عن نفسه حتى يستجيب لرغباتي، وإن لم يفعل لأسجننه، قال تعالى: وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ ۖ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا ۖ إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴿30﴾ فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ ۖ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَٰذَا بَشَرًا إِنْ هَٰذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ ﴿31﴾ قَالَتْ فَذَٰلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ ۖ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ ۖ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ (32)
حينها دعا يوسف ربه وقال: يا رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه، واستمر في رده لزليخة حتى أمرت بسجنه، فلما دخل السجن دخل معه رجلان كل منهما قد رأى مناما، فروى الأول منامه فقال إني رأيت في المنام أني أعصر خمرا، أما صاحب المنام الآخر فقد رأى أنه يحمل فوق رأسه خبزا تأكل الطير منه ، فسألا يوسف أن يخبرهما بتفسير المنامات، فقال لهم ليعلموا صدقه أنه سيخبرهم بكل طعام يرونه في منامهم ، فلما فعل علموا صدقه فأخبرهم بتفسير مناماتهم، فقال للأول أنه سيعصر خمرا ويسقيها لسيده، وقال للآخر أنه سيصلب فتأكل الطير من رأسه، حينها قال للذي ظن انه سينجو منهما اذكرني لسيدك عله يساعدني في الخروج من السجن، فأنساه الشيطان ذلك وكان نوعا من العقوبة ليوسف عليه السلام لاستغاثته بالبشر ، فلبث في السجن عدة سنوات، حتى جاء يوم قد رأى فيه الملك مناما غريبا إذ إنه قد رأى في منامه سبع بقرات سمينات يأكلهن سبع بقرات نحيلات، وسبع سنبلات خضر وسبع سنبلات يابسات، فاستدعى الملك الكهنة الذين كانوا،وقص عليهم رؤياه فقالوا له إنها مجرد أضغاث أحلام، إلا أنه لم يصدق كلامهم ، حينها تذكر الرجل الذي فسر يوسف منامه أن يوسف عليه السلام يفسر منامات، فأخبر الملك بذلك وطلب منه أن يذهب ليوسف عليه السلام ليخبره برؤيا الملك ليفسرها لهم، فذهب الرجل إلى يوسف عليه السلام وقص عليه رؤيا الملك، قال له يوسف أنه سيأتي سبع سنوات خير ، ثم تليها سبع سنوات لا مطر فيها وعليهم أن يدخروا في السنوات الخيرة للسنوات القاحلة، قال تعالى: يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ ﴿46﴾ قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ ﴿47﴾ ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَٰلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ ﴿48﴾ ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَٰلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ ﴿49﴾
بعد سنوات قضاها في السجن ظلماً، حان وقت خلاص سيدنا يوسف. رآى ملك مصر رؤيا غامضة عجز عن تفسيرها، فسمع عن يوسف في السجن وعن قدرته على تفسير الأحلام.
أُحضر يوسف إلى الملك، ففسّر له الرؤيا ببراعة، مبينًا أنها تنذر بسبع سنوات من الرخاء تليها سبع سنوات من الشدة. نال يوسف إعجاب الملك بحكمته وفطنته، فعينه خازنًا على خزائن مصر ومسؤولاً عن إدارة شؤونها.
لم يكتفِ الملك بذلك، بل جعله عزيزًا على مصر، مُمنحًا إياه سلطة واسعة ونفوذًا عظيمًا. فاستغل يوسف منصبه بحكمة لخدمة شعبه وتحضيرهم للسنوات العجاف.
أثبت يوسف كفاءته وصدقه في إدارة شؤون البلاد، فبارك الله في مصر خلال فترة حكمه. وازدادت محبة الناس له واحترامهم، ونال لقب "العزيز".
مرت سنوات حكم يوسف لمصر، وفاء بها خير عزيز، حتى جاءت سنوات الشدة التي تنبأ بها. واجهت مصر أزمة جفاف وقلة طعام، فسمع يعقوب بن إسحاق - عليه السلام - والد يوسف - عن وجود قمح في مصر، فأرسل إخوة يوسف مرة أخرى لشراء الطعام.
لم يتعرف إخوة يوسف عليه في البداية، لكنه هو عرفهم. تذكر يوسف معاناته معهم وتذكر صبر أبيه، فغالبته المشاعر الإنسانية، وأراد أن يكشف لهم هويته.
اختبر يوسف إخوته وفرض عليهم بعض الشروط، حتى تأكد من ندمهم على ما فعلوه وتغير سلوكهم. ثم كشف لهم هويته أخيرًا، فغمرتهم الدهشة والفرح.
أرسل يوسف قميصه إلى والده يعقوب، وبشر إخوته بعودتهم إليه. وعندما وصل القميص إلى يعقوب، شمه ووضع وجهه عليه، فارتد بصره الذي فقده من شدة الحزن على ابنه.
أخبر يعقوب أبناءه بأن يوسف حيّ، ففرحوا وقرروا السفر إلى مصر للقاء أخيهم.
عندما وصل يعقوب وأبناؤه إلى مصر، استقبلهم يوسف بحفاوة كبيرة. اجتمعت العائلة بعد فراق طويل، وتناوبوا على البكاء من شدة الفرح.
انضم الينا الان عبر تيك توك